فصل: الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَسْبَابِ الْمُفِيدَةِ لَهَا:&

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الشَّرْط الْخَامِس الْكَفَاءَة:

والكفوء لُغَةً الْمِثْلُ وَأَصْلُ اعْتِبَارِهَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ النِّكَاحِ السُّكُونُ وَالْوُدُّ وَالْمَحَبَّةُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} الرّوم 21 وَنَفْسُ الشَّرِيفَةِ ذَاتِ الْمَنْصِبِ لَا تَسْكُنُ لِلْخَسِيسِ بَلْ ذَلِكَ سَبَبُ الْعَدَاوَةِ وَالْفِتَنِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْعَارِ عَلَى مَرِّ الْأَعْصَارِ فِي الأخلاف والأسلاف فَإِن مقاربة الدنيء تضع ومقاربة الْعَلِيِّ تَرْفَعُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ لَا يُحَصِّلُ الْحِكْمَةَ الَّتِي شُرِعَ لِأَجْلِهَا لَا يُشْرَعُ وَالْكَفَاءَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْصُلُ فَعِنْدَ ش تَحْصُلُ بِخَمْسَةِ أَوْصَافٍ الصَّلَاحِ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ لِلْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ أَوْ لِلصَّحَابَةِ لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعُهُ دُونَ الْمُلُوكِ وَشِيَعِهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا قَدْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِظُلْمِهِمْ وَالسَّلَام مِنَ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَسْخِ كَالْجُذَامِ وَنَحْوِهِ وَعَدَمِ خَوْفِ الدَّنِيَّةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْجَمَالِ وَلَا الْيَسَارِ لِحُصُولِ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ فِي النِّكَاحِ بِدُونِ التَّسَاوِي فِيهِمَا وَعِنْدَ ح خَمْسَةُ أَوْصَافٍ الدِّينُ وَالْحُرِّيَّةُ والحرفة والغنا لِمَا يُقَالُ مَالُ الرَّجُلِ جَيْبُهُ وَفِي الْحَدِيثِ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ فَذَكَرَ الْمَالَ وَالْخَامِسُ النَّسَبُ وشدد فِيهِ فَقَالَ لَا تكافئ قُريْشًا غَيرهَا من الْعَرَب وَلَا تكافئ الْعَرَب غَيْرهَا وَاعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي بُيُوتِ الْعَرَبِ وَقَالَ إِذا زوجت نَفسهَا من غير كفؤ فَلِلْأَوْلِيَاءِ التَّفْرِيقُ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُمْ وَإِذَا زَوَّجَ الْأَب الصَّغِير أَو الصَّغِيرَة من غير كفؤ نفذ وَوَافَقَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ عَلَى مَا فَصله والغنا وَالْحِرْفَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْحُرِّيَّةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِبَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ لَوْ رَاجَعْتِيهِ وَأَمَّا نَحْنُ فَنَعْتَبِرُ فِيهِ خَمْسَةَ أَوْصَافٍ:

.الْوَصْف الأول: الدّين:

فَفِي الْجَوَاهِر مُتَّفق علبه فَإِنْ زَوَّجَهَا لِفَاسِقٍ بِجَوَارِحِهِ فَلَا خِلَافَ مَنْصُوصٌ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَصِحُّ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَلِلزَّوْجَةِ وَمَنْ قَامَ لَهَا فَسْخُهُ قَالَ وَكَانَ بعض الْأَشْيَاخ يهرب من الْفتيا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ نَقْضِ أَكْثَرِ الْأَنْكِحَةِ وَأَمَّا الْفَاسِقُ بِاعْتِقَادِهِ فَقَالَ مَالك لَا يُزَوّج الْقَدَرِيَّةَ وَلَا يُزَوَّجُ إِلَيْهِمْ.

.الْوَصْفُ الثَّانِي الْحُرِّيَّةُ:

قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ كَفَاءَةُ الرَّقِيقِ يُشِيرُ لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ ذَاتُ الْقدر إِذا رضيت بِعَبْد أَو مولى الْمُسلمين بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ وَلِلْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ سَيِّدِهِ وَاسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ قَالَ سَحْنُونٌ الصَّحِيحُ عدم كِفَايَته وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُفْسَخُ لِأَنَّ لِلنَّاسِ مَنَاكِحَ عُرِفَتْ بِهِمْ وَعُرِفُوا بِهَا وَنَفْيًا لِلْمَعَرَّةِ وَالضَّرَرِ وَفِي الْكتاب قَالَ غَيره وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَمِثْلِهِ إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ وَهِيَ ذَاتُ قَدْرٍ يَكُونُ الْوَلِيُّ عَاضِلًا بِرَدِّهِ وَاسْتَثْقَلَ مَالِكٌ زَوَاجَ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ ابْنَةَ سَيِّدِهِ قَالَ صَاحِبُ النكت إِنَّمَا استثقله لِأَنَّهُمَا قد يرثهما فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَزَوُّجِ أَمَةِ الْوَلَدِ مَعَ تَوَقُّعِ الْإِرْثِ أَنَّ الْوَطْءَ يَبْقَى لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَزَوَّجَ مُكَاتَبٌ حُرَّةً فَعَرَفَتْ بِهِ بَعْدَ سِنِينَ وَعَرَّفَهَا بِنَفْسِهِ حَلَفَتْ وَخُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَهُوَ لَيْسَ بكفؤ وَيَكُونُ لَهَا الْمُسَمَّى بِالْمَسِيسِ وَلَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ أَمَةً فَلَيْسَ لَهَا مَقَالٌ لِأَنَّهُ كُفْءٌ إِلَّا أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّهُ غَرَّهَا وَأَخْبَرَهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَتَزَوَّجَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْلِفُ هُوَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم الِاشْتِرَاطِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَخُيِّرَتْ وَهَذَا الْبَحْثُ مِنْهُ والتنقل يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْكَفَاءَةِ.

.الْوَصْفُ الثَّالِث: النّسَب:

فَفِي الْكتاب الْمولى كفؤ الْعَرَبيَّة لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} الحجرات 13 فَإِنْ رَضِيَتْ بِدُونِهَا فِي الْحَسَبِ وَامْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَقيل لَيْسَ بكفؤ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْنَى نِكَاحِ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ إِذَا كَانَ رَغْبَةً فِي دِينِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَهَدْيَهُ فَزَوِّجُوهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ أَجْدَعَ أَجْذَمَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالنِّكَاحُ مَرْدُودٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَيُعَاقَبُ النَّاكِحُ وَالْمُنْكِحُ وَالشُّهُودُ.
فَائِدَةٌ:
الْفرق بَين النّسَب والحسب أَنَّ النَّسَبَ يَرْجِعُ إِلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْحَسَبَ إِلَى الْمُرَتّب وَالصِّفَاتِ الْكَرِيمَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِسَابِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا تَفَاخَرَتْ حَسَبَتْ مَآثِرَهَا فَتَقُولُ أَضَفْنَا بني فلَان وأجرنا بني فلَان وحملنا وَفعلنَا فَسُمي ذَلِكَ حَسَبًا.

.الْوَصْفُ الرَّابِعُ كَمَالُ الْخِلْقَةِ:

وَفِي الْجَوَاهِر يُؤمر الْوَلِيّ بِاخْتِيَار كَامِل الْخلق لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يُزَوِّجُ الرَّجُلُ وَلِيَّتَهُ لِلْقَبِيحِ الذَّمِيمِ وَلَا الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ يَضُرُّ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ أَوْ يُؤَدِّي إِلَى نقص الْوَطْء كالعيوب المثبتة للخيار أبطل الله الْكَفَاءَةَ وَكَانَ لَهَا رَدُّ النِّكَاحِ وَإِلَّا فَلَا.

.الْوَصْفُ الْخَامِسُ الْمَالُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ الْعَجْزُ عَنْ حُقُوقِهَا يُوجِبُ مَقَالَهَا وَكَذَلِكَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْحُقُوقِ لَكِنَّهُ يُؤَدِّيهَا فِي مَالِهَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَظَاهر الْكتاب لَيْسَ لَهَا مَقَالٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَالُ الرَّجُلِ حَسَبُهُ وَقِيلَ لَا لِعَدَمِ الْمَعَرَّةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا خَالَفَ الْوَلِيُّ الْمَرْأَةَ فِي خَاطِبٍ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ إِنْ كَافَأَهَا فِي الْقَدْرِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ إِنْ رَأَى مَنْعَهُ عَضْلًا فَإِنْ أَبَى زَوَّجَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَجْمَعَ أَصْحَابُ مَالِكٍ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ الْكَفَاءَةُ حَقُّهَا وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ فَإِذَا اتَّفَقَتْ مَعَهُمْ عَلَى تَرْكِهَا جَازَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِتَزْوِيجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَتَهُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَبِيهَا وَأَبِيهِ مَعْلُومٌ وَلَا مُكَافِئَ لَهُ فِي الثَّقَلَيْنِ وَتَزَوَّجَ سَلْمَانُ وَبِلَالٌ وَصُهَيْبٌ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَوَالِي وَالْعَجَمِ الْعَرَبِيَّاتِ الْعَلِيَّاتِ وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَّا الْإِمَامِيَّةُ.
فرع:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَضِيَ الْوَلِيُّ بِعَبْدٍ وَمن لَيْسَ بكفؤ فَزَوَّجَهُ ثُمَّ طَلَّقَ فَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ وَيُؤَاخَذُ بِاعْتِرَافِهِ أَوَّلًا أَنَّ زَوَاجَهُ مَصْلَحَةٌ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ عَلَى خِلَافِ مَا عَلِمَهُ مِنْهُ أَوَّلًا.
تَفْرِيعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيّ الْعَرَبِيّ كفوء لِلشَّرِيفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَشِينُهَا أَمَّا الْبَرْبَرِيُّ وَالْمَوْلَى فكفوء إِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً لِأَنَّ النَّسَبَ سَاقِطٌ مَعَ الْفَقْرِ عَادَةً وَأَمَّا الْغَنِيَّةُ فَإِنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا عَدَمَ الْمَعَرَّةِ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى زُوِّجَتْ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُمْتَنِعِ مِنَ الْأَبِ أَوِ ابْنَتِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَمَعَرَّةٌ لِلْغَنِيَّةِ وَالْفَقِيرَةِ فَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأَبُ وَالِابْنَةُ وَلَا عُصْبَةَ لَهَا زُوِّجَتْ إِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَلَهَا عُصْبَةٌ قَرِيبَةٌ فَلَهُمْ مَنْعُهَا دَفْعًا لِلْمَعَرَّةِ وَيُنْظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى عَادَةِ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ فَيُحْمَلُونَ عَلَيْهَا.

.الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْوِلَايَةِ:

وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ شَرْطٌ إِلَّا ح فِي الرَّشِيدَةِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} الْبَقَرَة 232 وَقَوْلِهِ {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الْبَقَرَة 230 فَأَضَافَهُ سُبْحَانَهُ إِلَيْهَا دُونَ الْوَلِيِّ وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا قِيَاسًا لِبُضْعِهَا عَلَى مَالِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَدْ تَقَدَّمَ فِي عَقْدِ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ الثَّيِّبُ فَتَكُونُ هِيَ الْمُرَادَةَ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ عِنْدَنَا لَا تُجْبَرُ بَلْ لَفْظَةُ أَحَقُّ بِصِيغَةِ تَفْضِيلٍ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي أَصْلِ الْحَقِّ فَمِنْهَا الْإِذْنُ فِي نَفْسِهَا وَمِنْهَا الْعَقْدُ وَفِعْلُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى فِعْلِهَا وَهِيَ أَتَمُّ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِلُزُومِ الْمَعَرَّةِ عَلَى الْأَبَدِ لِلْوَلِيِّ وَلَهَا بِوَضْعِهَا نَفْسَهَا فِي غير كفوء بِسَبَبِ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا عَلَى عَقْلِهَا بِخِلَافِ الْمَالِ وَإِذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِهَا فَهَلْ يَكْفِي أَيُّ وَلِيٍّ كَانَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ عَلَى مَرَاتِبِهَا عَلَى الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ ثُمَّ هِيَ على الْمَذْهَب قِسْمَانِ خَاصَّة لِلْقَرَابَةِ الْوَلَاء وَالْمِلْكِ وَعَامَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَفِيهَا ثَمَانِيَةُ أَبْحَاثٍ:

.الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي الْأَسْبَابِ الْمُفِيدَةِ لَهَا:.السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْأُبُوَّةُ:

وَهِيَ أَعْظَمُهَا لِأَنَّ مَزِيدَ شَفَقَةِ الْأَبِ عَلَى الْقَرَابَاتِ يُوجِبُ مِنْ سَدَادِ النَّظَرِ مَا لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ غَيْرُهُ غَالِبًا لَا جرم اخْتصَّ الْإِجْبَار بِهِ بِأحد علتين الصغر أَو الْبكارَة فيجير الصَّغِيرَةَ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَالْبِكْرَ وَإِنْ كَانَتْ بَالِغًا وَبِالْإِجْبَارِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ح وَجَوَّزَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ إِنْ كَانَ الْعَاقِدُ أَبًا أَوْ جَدًّا لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِمَا وَلَهُمَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعَ غَيْرِهِمَا وَلَا تُجْبَرَ الثَّيِّبُ الْبَالِغُ عِنْدَنَا لِعَدَمِ الْعِلَّتَيْنِ وَفِي الْبِكْرِ الْمُعَنَّسَةِ رِوَايَتَانِ نَظَرًا لِلْبَكَارَةِ وَعَدَمِ مُبَاشَرَةِ الْوَطْءِ أَوْ يُقَالُ طُولُ عمرها يفيدها بِالسَّمَاعِ مَا يحصل من الِاسْتِمْتَاع وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سِنُّهَا أَرْبَعُونَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ثَلَاثُونَ وَفِي الْمُنْتَقَى خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَنَقَلَ غَيْرُهُ خَمْسُونَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ فَيُسْتَحَبُّ الِاسْتِئْذَانُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصَالِحِ وَفِي الْمُنْتَقى ل يَلْحَقُ الْجَدُّ بِالْأَبِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُهُ فِي الْمِيرَاثِ فَلَا يَجْبُرُ قِيَاسًا عَلَى الْأَخِ.
تَفْرِيعٌ:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَإِذَا طُلِّقَتِ الْبِكْرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَوِلَايَتُهُ عَلَى حَالِهَا فَإِنْ بَنَى بِهَا انْتَفَى الْإِجْبَارُ وَتَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَتْ إِلَّا أَنْ يَخْشَى سُوءَ حَالِهَا فَيَمْنَعَهَا الْأَبُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالزِّنَا لَا يُسْقِطُ الْإِجْبَارَ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّهُ يُوجِبُ مَزِيدَ الْحَيَاءِ الْمَانِعِ مِنَ التَّصْرِيحِ بِمَصَالِحِ النِّكَاحِ وَبِخِلَافِ التَّزْوِيجِ الْحَرَامِ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ فَآثَارُ التَّزْوِيجِ مَوْجُودَةٌ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِذَا زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ قِيلَ كَالْبِكْرِ مُطْلَقًا وَقِيلَ كَالثَّيِّبِ مُطْلَقًا وَقِيلَ كَالْبِكْرِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالصَّمْتِ وَكَالثَّيِّبِ فِي اشْتِرَاطِ الرِّضَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أُلْزِمَتْ فِي الْمُنَاظَرَةِ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهَا الزِّنَا حَتَّى تُجَاهِرَ بِهِ فَالْتَزَمَتِ التَّسْوِيَةَ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ سَقَطَ الْإِجْبَارُ لِمَعْرِفَتِهَا بِمَصَالِحِ النِّكَاحِ بِسَبَبِ الْخُلْطَةِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّةً وَنَحْوَهَا وَالْقُرْبُ مُلْغًى وَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْوَطْء نظر إِلَى قريب الْمُدَّةِ وَبِعِيدِهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا بِرُبُعِ دِينَارٍ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِينَارٍ مِنْ فَقِيرٍ وَضَرِيرٍ وَعَلَى ضَرَّةٍ وَغير الكفوء إِلَّا مَجْنُونًا مَخُوفًا أَوْ أَبْرَصَ قَبِيحًا أَوْ مجذوما مقطعا فَفِي هَذِه الثَّلَاثَة لَهَا الْمقَال وَتسقط ولَايَته عَنْهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ رَجَعَتْ ثَيِّبًا بِالنِّكَاحِ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثَبَتَ الْجَبْرُ لِعِلَّةِ الصِّغَرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِ ش وَقَالَ سَحْنُونٌ يُجْبِرُهَا وَإِنْ حَاضَتْ لِأَنَّ الْبُلُوغَ لَا يُسْقِطُ الْإِجْبَارَ بِدَلِيلِ الْبكر وَرُوِيَ فِي الطَّوِيل الْمُزِيلِ لِلْإِجْبَارِ لَا يُحَدُّ بِسَنَةٍ بَلْ بِالْعَادَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا أَثَرَ لِلتَّسْوِيَةِ بِزَوَالِ الْبَكَارَةِ بِالسَّقْطَةِ وَنَحْوِهَا.
فرع:
قَالَ إِذَا الْتَمَسَتِ الثَّيِّبُ الْبَالِغ التَّزْوِيج وَجَبت الْإِجَابَة وَإِن ثَبت الْإِجْبَارُ وَلَا يَكُونُ الْأَبُ عَاضِلًا بِرَدِّ خَاطِبِينَ فِي ابْنَته الْبكر وَغَيره عاضلا برد كفوء والكفوء الَّذِي تُعَيِّنُهُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا أَوْلَى مِمَّا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ.
تَفْرِيعٌ:
فِي التَّلْقِينِ لِلْأَبِ إِنْكَاحُ صَغِيرِ الذُّكُورِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا الذُّكْرَانُ فَلِلْأَبِ إِجْبَارُ الصَّغِيرِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش عَمَلًا بِمَا يُظَنُّ مِنْ شَفَقَةِ الْأُبُوَّة من تَحْصِيل الْمصَالح وأختار فِي الْكِتَابِ تَزْوِيجَ الْكَبِيرِ اسْتِقْلَالًا وَمَنَعَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الرُّشْدُ إِذَا بَلَغَ فَتَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ أَوْلَى وَقَالَ أَيْضًا لَهُ ذَلِك إِذا زوجه من ذَات شرف أَو ابْنة عَمٍّ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِجْبَارَ الْبَالِغِ السَّفِيهِ قَالَ وَمنعه عبد الْملك وَاسْتحبَّ مَالِكٌ عَدَمَ تَزْوِيجِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِهِ وَلِلسَّفِيهِ أَرْبَعُ حَالَاتٍ إِنْ خُشِيَ الْفَسَادُ وَأُمِنَ الطَّلَاقُ وَجَبَ الْإِنْكَاحُ وَإِنْ أُمِنَ الْفَسَادُ وَالطَّلَاقُ أُبِيحَ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ إِلَيْهِ فَيَجِبُ وَإِنْ خُشِيَ الطَّلَاقُ وَأُمِنَ الْفَسَادُ حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ الْمَالِ دُعِيَ إِلَى ذَلِكَ أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ يَسِيرًا وَإِنْ خَشِيَ الْفَسَادَ وَقَدَرَ عَلَى حِفْظِهِ فَعَلَ وَلَمْ يُزَوَّجْ وَإِنْ عَجَزَ زَوَّجَهُ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ إِنْ لَمْ يُفِقْ لَمْ يَنْفُذْ طَلَاقُهُ وَإِنْ خُشِيَ فَسَادُهُ زُوِّجَ وَإِلَّا فَلَا.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الْكَبِيرَ غَائِبًا عَنْهُ ذَاكِرًا أَنَّهُ بِأَمْرِهِ فَقَدِمَ فَأَنْكَرَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ وَلَا صَدَاقَ عَلَى الْأَبِ فَإِن مَاتَ قبل الْقدوم وَعلم رِضَاء وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْيَمِينَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ النُّكُولَ لَا يُوجِبُ حُكْمًا وَقَالَ رَبِيعَةُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا.
فرع:
قَالَ إِذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ أَبِيهَا فَيَقْدُمُ فَيَعْتَرِفُ بِالْوِكَالَةِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقُ إِلَّا فِيمَنْ لَا يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فِي الْبِكْرِ لِعَدَمِ الْأَبِ.
فرع:
قَالَ إِذَا مَاتَ الْأَبُ فَادَّعَتْ أَنَّهَا يَتِيمَةٌ عِنْدَهُ لَيْسَتِ ابْنَتَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلزَّوْجِ بِتَعْيِينِهَا وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنَ الْأَبِ أَنَّ لَهُ ابْنَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلِ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَى الصَّغِيرِ شُرُوط فَأَجَازَهَا وَلِيُّهُ أَوْ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ بِهَا سَقَطَتْ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَا تُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يَلْتَزِمَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ خُيِّرَ فِي الدُّخُولِ وَالْفَسْخِ وَدَخَلَ لَزِمَتْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ رِضًا وَإِنْ عَلِمَ وَكَرِهَ خُيِّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطَّلَاقِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَقَالَ إِنْ عَلِمَ قَبْلَ الدُّخُولِ خُيِّرَ فِي الدُّخُول أَو الْفَسْخ وَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ إِنِ اخْتَارَ الْفَسْخَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ زَوَّجَهُ لَا مَالَ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيْنَا إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ فَيَثْبُتَ النِّكَاحُ عَلَى مَا أَحَبَّ الزَّوْجُ أَوْ كَرِهَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ لَمْ يَرُدُّهُ الْوَلِيُّ حَتَّى كَبُرَ مَضَى.
فرع:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا صَرَّحَ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ أَوِ الْيَتِيمِ حَتَّى الْبُلُوغِ أَوِ الرُّشْدِ فَسَدَ الْعَقْدُ اتِّفَاقًا وَلَوْ صَرَّحَ بِثُبُوتِهَا فِي مَالِهَا لِجَازَ اتِّفَاقًا فَإِنْ أَهْمَلَ فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ نَظَرًا إِلَى حَمْلِ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْبُطْلَانِ وَهُوَ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَوِ الْبَيَانُ شَرْطٌ وَلَمْ يُوجَدْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ إِذَا دَخَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَحَّ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَاشْترط النَّفَقَة على الزَّوْجَة وَلها صدَاق مثلهَا وَإِن كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَاشْتَرَطَ النَّفَقَةَ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إِلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَثْبُتُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ.
فرع:
فِي الْجُلَّابِ إِذا زوجه أَبوهُ وَلَا مَال لَهُ فَإِن الصَدَاق عَلَى الْأَبِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الِابْنِ بِيُسْرِهِ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْإِعْسَارِ مَعَ مَزِيدِ شَفَقَةِ الْأُبُوَّةِ لتقتضي الْتِزَام ذَلِك فِي ذمَّة الْأَب وَله مَالٌ فَالصَّدَاقُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْأَبِ بعسره لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْعِوَضِ عَلَى مُسْتَوْفِي الْمُعَوَّضِ فَإِنْ أَيْسَرَ الِابْنُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَأَعْسَرَ عِنْدَ الدُّخُولِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ فَإِنِ امْتَنَعَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ التَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهَا إِلَّا بَعْدَ أَخْذِ الصَّدَاقِ فَإِنْ شَرَطَهُ الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّغِيرِ أَوِ السَّفِيهِ لَزِمَهُ مُطْلَقًا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ لَا يَمْنَعُهُ أَبُوهُ إِلَّا أَنْ يَخَافَ سَفَهًا فَإِنْ زَوَّجَهُ وَهُوَ غَائِبٌ أَوِ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ فَرَضِيَا بِفِعْلِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُمَا لَوْ مَاتَا لَمْ يَتَوَارَثَا فَإِنْ زَوَّجَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَلَمَّا فَرَغَ الْأَبُ قَالَ لَمْ أَرْضَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ إِنَّ الْيَمِينَ اسْتِظْهَارٌ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالنُّكُولِ شَيْءٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ نَكَلَ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ رَضِيَ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ كَبِيرٌ فِي عِيَالِهِ وَقَالَ لَا أَغْرَمُ مِنَ الْمَهْرِ شَيْئًا أَرَدْتُهُ عَلَيْكَ لَا يَكُونُ عَلَى وَاحِد مِنْهُمَا وَيفرق بَينهمَا بعد أيمانهما قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ فَيَبْرَأَ الْأَبُ بِحَلِفِهِ وَيَغْرَمُ الِابْنُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مِمَّنْ يَلِي عَلَيْهِ فَيَكُونَ عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يكون مِمَّنْ يَلِي عَلَيْهِ فَيَكُونَ عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ.